يعتبر وجود علاقات جنسية سليمة مشبعة بين الزوجين أمرًا أساسيًا في كل زواج سعيد ناجح , ذلك أنه إذا كان السكن هدفًا من أهداف الزواج كما ورد في الآية {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً} [الروم:21] , فإن المشكلات الجنسية منغص كبير لهذا السكن على المستويين النفسي والجسدي.
وقد أثبتت الدراسات النفسية أن السكن والمودة والرحمة بين الزوجين تزداد قوة بوجود توافق جنسي بينهما ، وذلك لأن العلاقة الجنسية بحكم طبيعتها مصدر نشوة ولذة ، فهي تشبع حاجة ملحة لدى الرجل والمرأة على السواء ، واضطراب إشباع هذه العزيزة لمدة طويلة يسبب توترًا نفسيًا ونفورًا بين الزوجين إلى الحد الذي جعل كثيرًا من المتخصصين يفصحون بالبحث وراء كل زواج فاشل أو متعثر عن اضطراب من هذا النوع.
وهنا تتوارد الأسئلة:
ما سر هروب الزوجات ليلاً من فراش الزوجية ؟
هل بسبب عدم الوصول إلى درجة مرضية من الإشباع الجنسي لدى الطرفين ؟
أم في ازدياد النشاط الجنسي لدى طرف بدرجة أكبر من الطرف الآخر ؟
هل يترك اللقاء الأول أثرًا سيئًا في نفوس الزوجين ؟
هل يمكن تعلم فن العلاقة الجنسية ؟ وكيف ؟
هل هناك فرق بين الرجل والمرأة في المتعة ؟
وهل تؤثر العلاقة الجنسية على العلاقة العاطفية بين الزوجين ؟
الرؤية المشتركة في العلاقة الخاصة
قد يسأل بعض الأزواج عن مواصفات العلاقة الجنسية الناجحة ؟ ولا شك أن العلاقة الجنسية الناجحة بين الزوجين هي التي تتم ضمن جو من المحبة والاحترام والتقدير بين الزوجين ، وليس في جو من السيطرة من طرف على الآخر.
وقد أشارت الدراسات إلى أن بعض الصعوبات الجنسية يمكن أن تحدث عند عدد كبير من الأزواج ، وحتى الذين تجمع بينهما علاقة زوجية سعيدة في الجوانب الأخرى للعلاقة الزوجية.
وقد وجد أيضًا أن معظم هذه الصعوبات تتحسن بشكل جذري بمجرد أن يحاول الزوجان إعطاء متسع من الوقت للحديث واللمس وعدم التسرع في هذا الأمر.
إن هذا البطء في التعامل يشعر كل طرف أن الطرف الآخر سعيد جدًا من هذه العلاقة ، وأن يعطيها كل وقته واهتمامه ، وأنه لا شك مستمتع بهذه الصحبة والعلاقة ، إن هذا الاطمئنان يعطي الطرفين أرضية طيبة لبناء المحبة والارتباط.
وفي مثل هذا الجو من المحبة والتفاهم يستطيع الزوجان الحديث فيما يرغبان به ، وما يسعدها في علاقتهما الزوجية والجنسية على حد سواء وقد وُجد أن الأزواج أكثر سعادة عندما يتمكنون من المصارحة في الحديث معًا عن الجماع ، وعما يشعر به كل منهما ، وما يريده ويرغب به ، وعن مشاعره وخيالاته ، وعن المشاعر والمواقف السلبية ، لكن مع الانتباه إلى التفريق بين مشاركة هذه التجارب السلبية مع الطرف الآخر ، وبين الدخول في مشاجرة ونزاع وجدال ، فكل المشكلات قابلة للحل ويمكن نقاشها ، ولكن في الوقت المناسب ، وليس وقت المداعبة والاقتراب.
وأيضًا على الزوجين الاتفاق على موعد اللقاء ، وهل يكون بتحديد موعد مسبق ؟ أم يُترك للظروف فحيثما شعر الزوجان بالرغبة وفيضان العاطفة والقرب والأنس فثم اللقاء.
إن أهم ما في الأمر هو أن يتحدث الزوجان مع بعضهما فيما يهمها من غير الشعور بالحرج من هذا الحديث ، وأن لا يسكتا عن الأمر على افتراض أن الطرف الآخر سيدرك الأمر من نفسه دون كلام.
عزيزي القارئ ، وإذا كنت تنتظر منا الإجابة عن الأسئلة التي أوردتها في أول المقال ، فإن الإجابة الشافية لا بد أن تبحث عنها وتتعلمها بنفسك ، وأرجعك إلى مقالات تفيدك في الوصول إلى الهدف المطلوب وقد صدر جزء كمها علبى موقعنا والباقي ياتي تباعا لتجد فيها الإجابة الشافية:
1ـ المقدمة في العلاقة الجنسية بين الرجل والمرأة.
2ـ أثر العلاقة الجنسية على العلاقة العاطفية.
3ـ الفرق بين الرجل والمرأة في المتعة.
فائدة القول
إن العلاقة الجنسية الناجحة التي تروي ظمأ كلاً من الطرفين ، باب من أبواب السعادة والراحة النفسية والقبول والرضى عن الآخر ، الذي يولد ارتباطًا ومحبة عاطفية ووجدانية عميقة تسمو بعد ذلك عن كل شيء وإن كانت العلاقة الجنسية تمدها بالتجدد والشوق للآخر.
وهذه العلاقة مع فطريتها وقابلية كل من الرجل والمرأة لممارستها؛ لأنها سنة الحياة أودعها الله في البشر ، ولكن المتعة والسعادة فن يجب تعلمه من الرجل والمرأة حتى تتحول تلك الممارسات إلى أنشودة حب وسعادة وعفاف وإحصان لكل من الرجل والمرأة وكل محطة من محطات هذا اللقاء له فنه وأدبياته وممارسته.
ولا ينس الأبرار حفظ الأسرار
ومن الرؤية المشتركة بين الزوجين حفظ كل واحد لسر الآخر ، فكل واحد من الزوجين مطالب بكتمان ما يراه من صاحبه أو يسمعه من حيث يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: [إن شر الناس عند الله منزلة يوم القيامة الرجل يفضي إلى امرأته والمرأة تفضي إلى زوجها ثم ينشر أحدهما سر صاحبه].
فإن كان إفشاء السر بصفة عامة من المحرمات؛ لأنه أمانة ، فإن إفشاء أسرار الزوج والزوجية وخاصة أسرار الفراش يعد من أكبر المحرمات التي نهى عنها رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم , فكيف نمر على الآية: {فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ} [النساء:34] , وكيف نمر على الآية: {هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ} [البقرة:187] ثم لا نتوقف لنتأمل جوانب العظمة وملامح الروعة وقسمات الإعجاز في هذه اللفظة البديعة [لباس] إنها تلقي على الزوجين ظلالاً ممدودًا من الستر والحماية ، وتفيض عليهما بكل معاني الصيانة والعفاف ، وهذه المعاني الجميلة الرقيقة لا يتحرك لها ولا ينبض بها إلا قلب قرآني يعيش صاحبه معاني الزواج الرائعة في ظلال القرآن ، وعلى منهج الإسلام.
ونحن نتساءل كيف يجرؤ مسلم متدين أو مسلمة متدينة يعرفان حقًا قدسية [الأسرار الخاصة] وخطورة إفشائها.
كيف يجرؤ إنسان ذو خلق كريم تجري في عروقه دماء الحياء أن يطلق لسان بوصف ما يستره ذلك [اللباس].
إن مما يقدح في رجولة الرجل وكرامته ومروءته أن يجعل الأسرار بيته بضاعته معروضة للناس بلا ثمن على قارعة الطريق. والمرأة العفيفة المتدينة [الراعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها] تحمي بيتها من لسانها أن ينفلت ليصف ما كان مستورًا داخل البيت لم يره أحد ، وهي إن صانت أسرار بيتها فهي تسقي بماء الأمانة والعفاف شجرة [السكن] الذي سينعم بظلالها الوارفة جميع أفراد الأسرة.
إن البيت أخص ما يملك الرجل والمرأة ، فيه يجدا السكن والأمن الأمان ، وفيه يضعا حوائجهما وخصوصياتهما ، وما لا يحبان أن يراه أو يعلمه الناس حتى ولو كانوا أقرباء وذوي رحم.
وليس أعجب من أن يتفنن الناس في ستر جدران البيوت وحوائطها بألوان عديدة من [الستائر] ثم هم يكشفون عوراتهم بألسنتهم.
ويبيح الشرع الإفصاح بالأسرار الزوجية في حالات منها:
1ـ طلب الفتوى ممن هو أهل لها.
2ـ استشارة أهل الرأي [الاستشاري الأسري] في حالة الخلافات الزوجية.
3ـ تعلم فنون العلاقات الزوجية في حدود الشرع والأدب الإسلامي الرفيع.