بيل كلينتون

ستيف واينبيرغ *
يحتوي كتاب نايجل هاميلتون الذي تناول السيرة الذاتية للرئيس الاميركي الاسبق بيل كلينتون من مولده وحتى عام 1992 على نقاش جنسي اكثر من اي كتاب سيرة ذاتية آخر منذ صدور كتاب السيرة الذاتية الذي أعده هاميلتون عن الرئيس الاميركي الاسبق جون كينيدي خلال العقود الاولى من حياته. غالبا ما ينجذب كتاّب السيرة الذاتية الى من يعتزمون الكتابة حوله لأسباب عملية في المقال الأول. ولكن هل يعني ذلك ان نايجل هاميلتون مهوس بالجنس؟ ربما نعم وربما لا. فقد أعد هاميلتون، الذي درس بجامعة كامبريدج البريطانية السيرة الذاتية للمشير بيرنارد مونتغومري، إلا ان مونتغومري كان يجسد عدة أشياء، لكنه لم يكن رئيسا اميركيا مهوسا بالجنس. كان هاميلتون مقنعا في تصوير شخصية والدة بيل كلينتون كسيدة مهوسة بالجنس ووالده المحتمل (أبوته ليست مؤكدة 100 في المائة) كشخص مهوس بالجنس ايضا.
أما هيلاري رودام، السيدة التي اصبحت فيما بعد زوجة للرئيس السابق بيل كلينتون، فإنها تبدو مختلفة في هذا الجانب. إلا ان برودها الجسدي أتاح الفرصة أمام هاميلتون لمناقشة دور الجنس في صعود الرئيس المستقبلي للولايات المتحدة الى البيت الابيض. اذا اعتبر البعض هذا الاستعراض للكتاب سلبيا أو عفويا، فإنني اعتبر هذه مسألة غير مقصودة، لأني ككاتب لهذا المقال لم أكن أنوي ذلك. فكتاب السيرة الذاتية عادة ما يواجهون صعوبات في تلقي الكثير من التفاصيل المفيدة حول والدي الشخص موضوع السيرة الذاتية وطفولته ومراهقته. إلا ان هاميلتون تمكن من التغلب على هذه العقبة من خلال إجراء عدد كبير من المقابلات والحصول على وثائق في أماكن كان مستبعدا الحصول فيها على مثل هذه الوثائق. يضاف الى ما سبق ان هاميلتون تمكن من دعم الحقائق والشائعات والقيل والقال بما يقنع القارئ بالمعلومات الواردة، فضلا عن استخدامه للتحليل النفسي على نحو متكرر. اتسم عرض هاميلتون بالقوة عندما كتب وتأمل في دور الطبقة الاجتماعية في صعود كلينتون من أركنسو الى البيت الابيض، اذ لم يكن مألوفا ان يبدأ رئيس اميركي حياته من بيئة فقيرة. يتناول هاميلتون في هذا السياق رفض والدة كلينتون الاستسلام لمحاولات تصنيفها والإبقاء عليها ضمن الطبقة الفقيرة وذلك بكسرها القواعد المفروضة على النساء اللائي يتحدرن من طبقة اجتماعية متدنية مثلها. نجحت والدة كلينتون بالفعل في المساعدة على التخلص من البنى والقواعد التي كان من المحتمل ان تفرض عليها قيودا مدى الحياة. يشعر الكثير من كتّاب السيرة الذاتية بعدم الارتياح ازاء التأمل في ما كان يفكر فيه في مرحلة او لحظة محددة الاشخاص موضوع هذه السيرة سواء كانوا امواتا او على قيد الحياة، إلا ان هذه المشكلة لم تواجه هاميلتون. فقد استخدم التحليل النفسي في تناول الكثير من تصرفات بيل كلينتون وهيلاري رودام وشخصيات اخرى متعددة وردت في المجلد الاول من هذه السيرة التي يعتزم هاميلتون اصدارها في مجلدين. بدا التحليل النفسي احيانا في تناول بعض الشخصيات عميقا وذكيا، كما بدا احيانا اخرى معقولا او مقبولا ظاهرا، وبدا في حالات اخرى خياليا لكنه نادرا ما كان مملا. على الرغم من البحث المكثف الذي اجراه هاميلتون، فإنه اعتمد احيانا وبصورة كبيرة على سير ذاتية سابقة عن بيل كلينتون. اذا اخذنا في الاعتبار درجة المصداقية والثقة في كتب السيرة الذاتية التي تناولت حياة بيل كلينتون، فإن هاميلتون لم يشر سوى الى صفحة محددة في كتاب حول كلينتون صدر قبل عشرة اعوام تقريبا. هل أعد هذا الكتاب عدوا سياسيا؟ أم صديقا مقربا؟ وهل تتضمن إشارة هاميلتون على الصفحة المحددة في الكتاب المذكور قائمة على اساس الملاحظة المباشرة أم على اساس تقرير اخباري لا يعتمد عليه؟ أم ماذا؟ من المستحيل معرفة ذلك من نص هاميلتون. لم يتلق هاميلتون أي مساعدة من بيل او هيلاري كلينتون ربما لان كليهما يعمل على اصدار كتاب خاص به لقاء عدة ملايين من الدولارات. جرى لقاء قصير بين هاميلتون وبيل كلينتون خلال حفل غداء في ليتيل روك بولاية آركنسو صيف العام الماضي، إلا ان هاميلتون حول ذلك اللقاء القصير الى حدث مليء بالمعاني و«ميلودراما نفسية محددة». وفي هذا الجانب قال هاميلتون انه كمؤرخ وكاتب سيرة ذاتية لتوماس مان يعتقد ان «مان، اعظم كاتب ساخر ألماني في كان سينبهر بصورة غير عادية اذا قرأ سيرته»، أي السيرة التي كتبها هاميلتون عنه. ويعتقد بعض النقاد ان من أي كاتب سيرة ذاتية فكر بشأن الممارسة الاخلاقية لا بد ان يكون له تحفظات كثيرة ازاء صورة كلينتون في سيرة هاميلتون تماما مثل التحفظات ازاء صورة كينيدي الشاب. اما افضل نصيحة يمكن ان يقدمها كاتب سيرة متمرس الى آخر زميل له غير متمرس هي ان يطلع على أعمال هاميلتون ولكن من المهم ان يفكر بعمق قبل استيعاب أي كل معلومة.
* خدمة «بالتيمور صن» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»
* بيل كلينتون
* المؤلف: نايجل هاميلتون