[تقرير مسجل]
الحزب الديمقراطي التقدمي المعارض طالب السلطات بإيقاف ما وصفه بالحملة على المتحجبات وناشدها عدم التمييز بين المواطنين على أساس معتقداتهم وأضاف الحزب أن ما تتعرض له المتحجبات من إهانة ومضايقات ومنعهن من الدراسة في المعاهد والكليات وحرمانهن من التوظيف في المؤسسات العامة يعتبر شكلا من أشكال الاضطهاد الديني حسبما ذكر بيان للحزب، أما الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين فقد أعربت عن قلقها مما سمته تزايد حالات مضايقة المتحجبات في تونس وشددت الجمعية على مشاركة هياكل الدولة على كافة مؤسساتها في هذه الأعمال يؤكد أن المضايقات سياسة ممنهجة وليست تجاوزات فردية، الهيئة العالمية لنصرة الإسلام في تونس وجهت نداء نددت فيه بما سمته حرص الحكومة التونسية على إشاعة التعري والتبرج في البلاد بمحاربتها ظاهرة الحجاب وفقا لما ذكر بيان للهيئة التي اتهمت الحكومة بشن ما وصفتها بالحملة الشعواء ضد المتحجبات في المؤسسات والدوائر الرسمية، من ناحية أخرى نقلت وكالة قدس برس عن شهود عيان قولهم أن السلطات أصبحت تعترض المتحجبات في الأسواق والساحات العامة وكانت وكالات أنباء مختلفة قد قالت أن الحكومة التونسية شنت حملة لجمع الأدوات المدرسية التي تحمل صورة الدمية فلة التي ترتدي الحجاب مبررة ذلك بأن تداول هذه الدمية يشجع على انتشار ما تسميه اللباس الطائفي وكان الأمين العام لحزب التجمع الدستوري الديمقراطي الحاكم في تونس الهادي مهني قد هاجم ما سماه ظاهرة التستر بالدين لخلفيات سياسية ودافع مهني عن محاربة الحجاب باعتباره قد يكون مقدمة للتراجع عن حقوق المرأة الأخرى وتحويلها في نهاية المطاف لمجرد أداة للتناسل على حد قوله.
محمد كريشان: معنا في هذه الحلقة من تونس الدكتور توفيق بن عامر أستاذ الحضارة العربية في الجامعة التونسية ومن لندن منجية العبيدي رئيسة منظمة نساء ضد التعذيب وعبر الهاتف من تونس رشيد خشانه رئيس تحرير صحيفة الموقف الأسبوعية المعارضة، أهلا بضيوفنا الثلاثة نبدأ بالسيد الدكتور توفيق بن عامر أخر ما سجل في هذه المواقف الخاصة بالحجاب ما ورد قبل قليل على لسان الرئيس التونسي زين العابدين بن علي الذي قال بأنه لابد في التفريق بين الاحتشام وبين الزي الطائفي الدخيل وفق تعبيره، قال من الضروري تفاديا لكل تزمر التفريق بين الزي الطائفي الدخيل واللباس التونسي الأصيل لو تضعنا في صورة المصوغات التي تقدمها السلطات التونسية فيما يوصف الآن بالحملة ضد الحجاب في تونس؟
توفيق بن عامر- أستاذ الحضارة العربية بالجامعة التونسية: أقول أولا أن ما جاء في هذه الكلمة التي أشرتم إليها هو في الحقيقة مستمد من روح الرسالة الإسلامية وهنا نحن في تونس كنا أخذنا هذه المسألة بجدية منذ زمن طويل وكان ذلك باعتماد مقاربة اجتهادية تعتبر أساس في الفكر الإسلامي الحديث بتونس وذلك منذ الحركة الإصلاحية إلى عهد معركة السفور والحجاب التي كان من أعلامها الطاهر الحداد وكان من أعلامها بالمشرق العربي قاسم أمين، إذاً هذه المقاربة تعتمد كما قلت النظر إلى روح الرسالة وروح الرسالة الإسلامية في هذه النقطة بالذات لا تفرض على المسلم زيا بعينه وإنما تفرض قيما بعينها وهذه القيم هي السلوك الحميد، السلوك المحتشم، الإبعاد عن الاستفزاز والإغراء وهذا كله فعلا من القيم الإسلامية ولذلك الموقف التونسي والمسألة ليست رهينة الحاضر ينبغي أن نبحث عن جذورها في هذا الفكر الاجتهادي العريق، المسألة ليست طارئة ليست مسألة طارئة، إذاً المسألة تعتبر في تونس محسومة فنحن لا نجد في النصوص الدينية أي في الأصول ما يدل على وجوب توخي زيا يمكن أن ينعت بالإسلامي وزيا منمط هذا لا وجود له في رأيي.
محمد كريشان: نعم نرى رأي السيدة منجية العبيدي وهي رئيسة منظمة نساء ضد التعذيب من لندن حول ما ذكره الدكتور بن عامر من أن المسألة أولا ليست جديدة وثانيا هي تعتمد مقاربة وفهم معين للإسلام كما قال؟
"
النظام التونسي فرض لباسا معينا أو فرض نمطا معينا للعيش وإذا أرادت المرأة أن تلبس لباسا محتشما أو أن تلبس لباسا تقليديا فعليها باللباس التونسي التقليدي
"
منجية العبيدي
منجية العبيدي- رئيس منظمة نساء ضد التعذيب: بسم الله الرحمن الرحيم في الواقع ما تفعله السلطات التونسية من اجتهاد ومن تأويل ومن حديث عن فرض وأن الإسلام لم يفرض لباس معينا أريد أن أنطلق من هذه النقطة كلمة فرض المشكلة مشكلتنا مع النظام التونسي هي فرض يعني فرض لباس معين أو فرض نمط معين للعيش وللباس على المرأة التونسية يقولون إذا أرادت هذه المرأة أن تلبس لباسا محتشما أو أن تلبس لباسا تقليديا فعليها باللباس التونسي الفوطة والبلوزة التونسي وغيره من الملابس التونسية أو الجبة ولا أدري ماذا المشكلة مع سيدي المتحدث من تونس ومع النظام التونسي وهو يتحدث باسم النظام، مشكلتي يا أخي هي أن هذا العقل لا يستوعب أن تمنعني من أن ألبس ما أشاء وأن تفرض علي قانونا معينا، بأي حق يعني تفرض على المرأة التونسية وتسقط عليها هذا القانون الجائر المنشور 108 الذي يطبّق بصرامة في أوقات الشدة عندما تبدأ المدارس بفتح أبوابها وفي نهاية كل سنة دراسية مع أيام الامتحانات، يعني تمارس هذه السلطة على المرأة وعلى الفتاة المحجبة أبشع أنواع التنكيل والانتهاك والاقتياد إلى مراكز الشرطة، تقاد المرأة المحجبة وأداة الجريمة على رأسها، حجابها على رأسها وهو أداة جريمة ويلصق هذا الحجاب بعد أن ينزع بالقوة بواسطة يد البوليس عندما ينزع بالقوة يلصق بالالتزام الذي تمضي عليه المرأة المغلوبة على أمرها على أن تلتزم بأن لا تعود إلى هذا، بأن تتخلص من أداة الجريمة نهائيا وبأن لا تعود إلى هذا اللباس، أي منطق هذا أنا أتوجه لملايين المشاهدين العرب أي منطق هذا؟ هل هذا يعني حرية المرأة نسوّق لحرية المرأة بحرمانها من التعليم ومن حقها في كسب العيش بالعمل ومن اقتيادها في الأسواق العامة ومن أمام المعهد ومن أمام الجامعة وأن تفرض عليها شيئا معينا أي منطق هذا؟ أنا لا أفهمه فليقل لي الأستاذ يحدثنا عن هذا المنطق..
محمد كريشان [مقاطعاً]: ربما نجد يعني ربما نجد الجواب عند السيد رشيد خشانة وهو رئيس تحرير صحيفة الموقف الأسبوعية المعارضة، لنسأله كيف تتابع القوى السياسية هذا الجدل المحتدم في تونس حول موضوع الحجاب؟
رشيد خشانة- رئيس تحرير صحيفة الموقف الأسبوعية المعارضة: في الحقيقة هذا الجدل الذي يدور ما يزعجنا فيه هو أن تكون الدولة طرفا في قضية فكرية اجتماعية سياسية يمكن أن تناقش بكل هدوء في وسائل الإعلام وفي النوادي الأهلية وفي غيرها بطريقة توضح الموقف المطلوب للمواطنين مع ترك الخيار لهم باعتبار المسألة مسألة حرية شخصية، على العكس من ذلك نحن نعيش الآن حملة أخرى من حملات متكررة بين فترة وأخرى منذ مطلع الثمانينات سيمتها انتهاك الحرية الفردية والتدخل في لباس الفتيات الذي هو أمر شخصي، فعندما تتحجب الفتاة فهي لا تشكّل في تقديري خطر على المصلحة العامة ولا تؤذي المجتمع في شيء، لكن انتقل الحجاب من مسألة شخصية ليصبح قضية سياسية ساخنة وساحة صراع بين الدولة وقطاع من المجتمع بسبب هذا التجنيد الأمني وتدخل المسؤولين في الإدارات العمومية والجامعات والمعاهد لنزع الحجاب بالقوة، رأينا الوزراء يستلون سيوفهم ويعتمرون علامة المجاهدين والاجتهاد منهم براء ليقودوا غزوة الحجاب إن صح التعبير واليوم قبل قليل أشارت الأنباء التونسية الأمين العام للحزب الحاكم يقود حملة من هذه الحملات بالاعتماد على أشباه المثقفين يبررون موقف الدولة، إذاً هذه حملة جارية سيمتها اتساع الدائرة بالنسبة للحملات السابقة والقسوة التي تعامل بها المحجبات من دون اعتبار لسنهن ولا لمكانتهن الاجتماعية في الإدارات والجامعات والشارع، مثلا تمنع الطالبات المتحجبات من إجراء الاختبارات في المعاهد، تمنع الموظف المتحجبة من العمل وتحرر ضدهن محاضر في مخافر الشرطة للالتزام بعدم العودة لارتداء الحجاب بعد نزعه بطرق فظة، هذه الحملة في تقديري بالإضافة لكونها منافية للحرية الفردية هي ليست دستورية ولا قانونية، هي تستند على منشور أي تعميم مجرد تعميم من الوزارة الأولى أي رئاسة الوزراء صدر سنة 1981، طبعا مثل هذه الممارسات والانتهاكات لا يمكن تبريرها بقانون أو بدستور لأن التشريعات في تقديري وخاصة في عالمنا اليوم أساسها إطلاق الحريات وليس تقييدها.